خاطرة عابرة
تا كنكون غادي و كنتلف على الطريق فاش يعصّبني شي واحد
بُعَيد صلاة الصُّبح , و قبل أن ينزع يومي ثوب ظلامه المُحاك بخيوط الغَبش , قصدتُ سقّاية حيّي الصفيحي لاستقاء حاجتنا اليومية من الماء كالعادة , كانت مصابيح أعمدة الكهرباء العمومية قد أغمضت مُقلها , فاسحةً للطبيعة بسط نورها , و لو بالغياب المُباشر للشمس الضّاحكة بفتور و سُخرية على بلاهة الأهوج الملتحف بذكاء الغباء و انفتاح التخلف
ذاك الأهوج الذي سيّج عقلهُ بأسلاك فلسفة غربية , سُلخت أساسياتها من صدر الإسلام , و حُرّفت حُروف دعائمها بشكل جعلها مربضاً لكلّ من هبّت به رياح الانحلال الأخلاقي , و صار يحلّل و يحرّم و يشرّع و يفتي و يجدّد في دين نزّله ربّ الكون و حفظه إلى يوم يرث الأرض و ما عليها , دين مُذ جاء به خير خلق الله و أكرمهم على وجه البسيطة و العدَاء الكُفريّ يُخيّل إليه أنه يجاريه لدحضه , دين السِّلم و السّلام الذي تسعى كُل جماجم الكُفر المُعتصمة بالشيطان إلى نسب الإرهاب و التخلف إليه و ما وُفّقوا و لن يُوفّقوا أبد الدّهر مهما سعوا . . . فليس كُلُّ من نسبَ نفسه للإسلام مُسلم !!!
ما إن اقتربتُ من السّقاية , حتّى لمحتُ شخصا شاخصاً يتكئ على شبه جدار , و كفَّيه على وجهه في مشهد يوحي أنّه نادم على شيئ و الحسرة تُسيطر . . أكملتُ خُطواتي بشكل عادي , و أخفيت خَوفا هزّ قلبي و رفع من نبضه داخلي , تشوّك كامل جسمي مُتقنفذا و ارتعش كالريشة و صِرت كالهريرة الواقعة في قِدر ماءٍ صقيع , و مع ذلك أبدو باتّاً كالجلمود مُحاولاً تهديئي و جلي كلّ تفكير في السوء
وصلت إلى السقاية , فتحت صنبورا و الدّلو تحته يُملأ , و ذاك الشخص خلفي مباشرة يتمتم بكلمات فهمتُ منها أنه يدعو الله و يطلب الصفح و العفو ممّا اقترفت يداه , كان يبكي بصمت . .
عندما هممت بالمغادرة , ناداني باسمي بصوته الخشن , فاستثقلت رأسي و فشلت ساقاي , و لمحتُ نُجيمات نورها بياض فاقعٌ تظهر و تختفي أمامي , استدرت بوجهي صوبه و الرّعب يدكّني بوساوس التشاؤم من صباح أسود كالليل , لم أجد شيئا , بدأت ألتفت في كل الجهات باحثا عن ذاك الشخص الذي رأيت فلم أجده , لا يمكن أن يختفي في لمح البصر , و في مكان كهذا , لا بناية يختفي وراءها و لا سور و لا شجرة يصعد إليها , فحتّى شبه الجدار لم يعد موجود
فجأة كلّ الصنابير الأربعة بالسقاية فُتحت لوحدها , و قدِم غرابين من الفراغ و حطّا على الأرض و قالا لي بصوت واحد : وا تا نوووض ربط علينا هاذ السلوڭية راه عضّات شحال من واحد أ الزمر وااع :3
0 التعليقات :
إرسال تعليق