الحجاج بن يوسف الثقفي
عن الأصمعي قال: لما حضرت الحجّاج الوفاة انشأ يقول:
يَا رَبِّ قَدْ حَلَفَ الْأَعْدَاءُ وَاجْتَهَدُوا ** بِأَنَّنِي رَجُلٌ مِنْ سَاكِنِي النَّارِ
أَيَحْلِفُونَ عَلَى عَمْيَاءَ ؟؟ وَيْحَهُمُ ** مَا عِلْمُهُمْ بِعَظِيمِ الْعَفْوِ غَفَّارِ
إِنَّ الْمَوَالِيَ إِذَا شَابَتْ عَبِيدُهُمْ ** فِي رِقِّهِمْ عَتَقُوهُمْ عِتْقَ أَبْرَارِ
وَأَنْتَ يَا خَالِقِي أَوْلَى بِذَا كَرَمًا ** قَدْ شِبْتُ فِي الرِّقِّ فَاعْتِقْنِي مِنَ النَّارِ
قال: فأُخبِرَ بذلك الحسن فقال: تاللهِ إن نجا فبهُما. وقال حين حضرته الوفاة : اللهم اغفر لي فان النّاس يزعمون أنك لا تفعل. وعن عمر بن عبد العزيز أنّه قال: ما حسدتُ الحجّاج عدو الله على شيء ، حسدي إياه على حبه القرآن ، وإعطائه أهله عليه ، وقوله حين حضرته الوفاة : " اللهم اغفر لي فان النَِّاس يزعمون أنك لا تفعل ". ولما قيل للحسن البصري: أنَّ الحجّاج قال عند الموت كذا وكذا قال: أقالها ؟؟ قالوا : نعم. قال عسى !. قال الأصمعي: ما كان أعجبَ الحجّاج ، ما ترك إلا ثلاثمائة درهم ! ومصحفا ، وسيفًا ، وسرجا ، ورحلا ، ومائة درع موقوفة للجهاد. وقال الذهبي : وقد روينا عنه ، أنه كان يتدين بترك المُسكر ، وكان يكثر تلاوة القرآن ، ويتجنب المحارم ، ولم يشتهر عنه شيء من التلطخ بالفروج ، وإن كان متسرعا في سفك الدماء. فالله تعالى أعلم بالصواب وحقائق الأمور وسائرها ، وخفيات الصدور وضمائرها. قال ابن أبي الدنيا ثنا أحمد بن عبد الله التيمي ، قال : لما مات الحجاج لم يعلم بموته حتى أشرفت جارية فبكت ، فقالت: ألا إن مُطعِمَ الطعام ومفلق الهام ، وسيدُ أهل الشام قد مات ، ثم أنشأت تقول :
الْيَوْمَ يَرْحَمُنَا مَنْ كَانَ يَغْبِطُنَا ** وَالْيَوْمَ يَأْمَنُنَا مَنْ كَانَ يَخْشَانَا
وعن يزيد بن حوشب قال: بعث إليّ أبو جعفر المنصور فقال: حدثني بوصية الحجّاج بن يوسف . فقلت: اعفني يا أمير المؤمنين. فقال: حدثني بها ، فقلت: بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا ما أوصى به الحجاج بن يوسف ، أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن مُحمدًا عبده ورسوله ، وأنه لا يعرف إلَّا طاعة الوليد بن عبد الملك عليها يحيا ، وعليها يموت ، وعليها يبعث ، وأوصى بتسعمائة درع حديد ، ستمائة منها لمُنافقي أهل العراق يغزون بها ! ، وثلاثمائة للترك. قال : فرفع أبو جعفر رأسه إلى أبي العباس الطوسي وكان قائما على رأسه فقال: هذه والله الشيعة لا شيعتكم !. وقال الأصمعي عن أبيه قال: رأيت الحجاج في المنام فقلت: ما فعل الله بك ؟؟ فقال : قتلني بكل قتلة قتلت بها إنسانا. قال: ثم رأيته بعد الحول فقلت: يا أبا محمد ، ما صنع الله بك ؟؟ فقال : يا ماص بظر أمه ، أما سألت عن هذا عام أول ؟؟ وقال أحمد بن أبي الحواري : سمعت أبا سليمان الداراني يقول: كان الحسن البصري لا يجلس مجلسا إلا ذكر فيه الحجاج فدعا عليه ، قال : فرآه في منامه فقال له : أنت الحجاج ؟؟ قال : أنا الحجاج. قال : ما فعل الله بك ؟؟ قال : قتلت بكل قتيل قتلته ، ثم عُزلت مع الموحدين. قال : فأمسك الحسن بعد ذلك عن شتمه. مات الحجاج بن يوسف الثقفي في رمضان عام خمسة وتسعين للهجرة وفي الثانية والخمسين من العمر وخلّف مآثر جمّة في اخماد الفتن وتوحيد الدولة والفتوحات والعمران والإصلاح ، وكانت ولايته بالفتوحات أوسع ولاية عرفها والي في التاريخ لكن صورته كطاغية ظلت هي الماثلة ! ..
المصدر : ياقوت البغدادي
يَا رَبِّ قَدْ حَلَفَ الْأَعْدَاءُ وَاجْتَهَدُوا ** بِأَنَّنِي رَجُلٌ مِنْ سَاكِنِي النَّارِ
أَيَحْلِفُونَ عَلَى عَمْيَاءَ ؟؟ وَيْحَهُمُ ** مَا عِلْمُهُمْ بِعَظِيمِ الْعَفْوِ غَفَّارِ
إِنَّ الْمَوَالِيَ إِذَا شَابَتْ عَبِيدُهُمْ ** فِي رِقِّهِمْ عَتَقُوهُمْ عِتْقَ أَبْرَارِ
وَأَنْتَ يَا خَالِقِي أَوْلَى بِذَا كَرَمًا ** قَدْ شِبْتُ فِي الرِّقِّ فَاعْتِقْنِي مِنَ النَّارِ
قال: فأُخبِرَ بذلك الحسن فقال: تاللهِ إن نجا فبهُما. وقال حين حضرته الوفاة : اللهم اغفر لي فان النّاس يزعمون أنك لا تفعل. وعن عمر بن عبد العزيز أنّه قال: ما حسدتُ الحجّاج عدو الله على شيء ، حسدي إياه على حبه القرآن ، وإعطائه أهله عليه ، وقوله حين حضرته الوفاة : " اللهم اغفر لي فان النَِّاس يزعمون أنك لا تفعل ". ولما قيل للحسن البصري: أنَّ الحجّاج قال عند الموت كذا وكذا قال: أقالها ؟؟ قالوا : نعم. قال عسى !. قال الأصمعي: ما كان أعجبَ الحجّاج ، ما ترك إلا ثلاثمائة درهم ! ومصحفا ، وسيفًا ، وسرجا ، ورحلا ، ومائة درع موقوفة للجهاد. وقال الذهبي : وقد روينا عنه ، أنه كان يتدين بترك المُسكر ، وكان يكثر تلاوة القرآن ، ويتجنب المحارم ، ولم يشتهر عنه شيء من التلطخ بالفروج ، وإن كان متسرعا في سفك الدماء. فالله تعالى أعلم بالصواب وحقائق الأمور وسائرها ، وخفيات الصدور وضمائرها. قال ابن أبي الدنيا ثنا أحمد بن عبد الله التيمي ، قال : لما مات الحجاج لم يعلم بموته حتى أشرفت جارية فبكت ، فقالت: ألا إن مُطعِمَ الطعام ومفلق الهام ، وسيدُ أهل الشام قد مات ، ثم أنشأت تقول :
الْيَوْمَ يَرْحَمُنَا مَنْ كَانَ يَغْبِطُنَا ** وَالْيَوْمَ يَأْمَنُنَا مَنْ كَانَ يَخْشَانَا
وعن يزيد بن حوشب قال: بعث إليّ أبو جعفر المنصور فقال: حدثني بوصية الحجّاج بن يوسف . فقلت: اعفني يا أمير المؤمنين. فقال: حدثني بها ، فقلت: بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا ما أوصى به الحجاج بن يوسف ، أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن مُحمدًا عبده ورسوله ، وأنه لا يعرف إلَّا طاعة الوليد بن عبد الملك عليها يحيا ، وعليها يموت ، وعليها يبعث ، وأوصى بتسعمائة درع حديد ، ستمائة منها لمُنافقي أهل العراق يغزون بها ! ، وثلاثمائة للترك. قال : فرفع أبو جعفر رأسه إلى أبي العباس الطوسي وكان قائما على رأسه فقال: هذه والله الشيعة لا شيعتكم !. وقال الأصمعي عن أبيه قال: رأيت الحجاج في المنام فقلت: ما فعل الله بك ؟؟ فقال : قتلني بكل قتلة قتلت بها إنسانا. قال: ثم رأيته بعد الحول فقلت: يا أبا محمد ، ما صنع الله بك ؟؟ فقال : يا ماص بظر أمه ، أما سألت عن هذا عام أول ؟؟ وقال أحمد بن أبي الحواري : سمعت أبا سليمان الداراني يقول: كان الحسن البصري لا يجلس مجلسا إلا ذكر فيه الحجاج فدعا عليه ، قال : فرآه في منامه فقال له : أنت الحجاج ؟؟ قال : أنا الحجاج. قال : ما فعل الله بك ؟؟ قال : قتلت بكل قتيل قتلته ، ثم عُزلت مع الموحدين. قال : فأمسك الحسن بعد ذلك عن شتمه. مات الحجاج بن يوسف الثقفي في رمضان عام خمسة وتسعين للهجرة وفي الثانية والخمسين من العمر وخلّف مآثر جمّة في اخماد الفتن وتوحيد الدولة والفتوحات والعمران والإصلاح ، وكانت ولايته بالفتوحات أوسع ولاية عرفها والي في التاريخ لكن صورته كطاغية ظلت هي الماثلة ! ..
المصدر : ياقوت البغدادي