السبت، 4 يوليو 2015

العَلمانية و الكلاشينكوف و حافلة فاس ..



إنّ من ينتقدون المجاهدين بالعراق و فلسطين و سوريا و أفغانستان و الصومال و الشيشان و مصر و ليبيا و الفلبين و ميانمار و كل الأمصار و الأصقاع و السهول و الجبال و البحار و البراري و السماوات, لم تخدش أعراضهم و لم تغتصب أخواتهم و لم تيتّم فلذات أكبادهم و لم ترمّل نساؤهم و لم تستبح دماؤهم و لم تدمّر حياتهم و لم تشتّت دنياهم و لم توسّع جراحهم و لم تمزّق لحومهم و لم تكسّر عظامهم و لم تعوّق أجسادهم و لم يذلّ أشرافهم و لم تستعبد حرائرهم و لم يسجن أحرارهم و لم يرغموا على ذرف دموع من دم و لم و لم ..

إنّ من يرى في كلّ مجاهد يذود عن عرضه و يدافع عن شرفه و يتصدّى للبغال و الضباع التي تدوس و تسفّه الدين و تحتقر الإنسان خارجيّ بلا حجّة و لا دليل, لعمري! إنّه يبقى مجرّد آلة مبرمجة على تكرار الخواء و اللاشيئ إلى أن تفرغ بطاريتها
فالحقيقة الحقيقية المنطقية الواقعية المقبولة عند التقي و السفيه و المؤمن و الكافر, و التي لا و لن يتناطح عليها تيسان, و لا و لن يتجادل عنها فيلسوفان, هي أنّ لكلّ فعل ردّة فعل; سواء كانت ردّة الفعل عشوائية قوية مدمّرة, أم بحجم ذاك الفعل الذي أوصل ألم الوخز ببطء إلى دماغ مسكّر مغيّب ..

و من يرى أنّ ما يقوم به المجاهدون و الجهاديون, سواء للثّأر, أو لإعلاء كلمة الحقّ, أو لمجابهة الظلمة و الطغاة, و التصدي للمخرّبين الحاقدين على الدين و الإنسان, و دحر المتعطّشين لدماء الأبرياء و أرزاق الضعفاء, و إرجاع الحقوق لأصحابها, و نشر الفضيلة و كسر ظهور زبانيات الظلم .. -إنّ- من يرى فيهم خارجيون معربدون سائبون مخربون, يبقى قصير البصر و البصيرة أو شيطانا أخرس رأى ما رأى و آثر الوقوف جنب الطغاة و أذيالهم و الظالمين و حواشيهم على قول كلمة حقّ

إنّ الجهاد فِطرة بشرية و حقيقة إنسانية تشتعل نيرانه و تسعّر إذا ما ظهر الظلم و الاستعباد و ساد الفساد و عمّ الخراب و احتقار الناس قد زاد, و الجهاد يختصّ به المسلم و الكافر و البرّ و الفاجر و العاقل و الحيوان

في هذا العالم المضطرب, سيطرت عصابات كبيرة على ما تبقى من حياة, و صار قادة هذه العصابات حكاماً للبلاد التي يسيطرون عليها بالقوة و الحديد, يصنعون الإرهاب الحقيقي و يكوّنون السفّاحين و الحشاشين الذين خدّرت عقولهم و غيّب وعيهم و حُجّرت قلوبهم و جُعلوا كالكلاب المجوّعة, إذا ما أطلقوهم على قرية جعلوا عاليها سافلها و خرّبوا حرثها و أهلكوا نسلها, يغتصبون الرضيع في مهده و الحرة قدّام عشيرتها, يهتكون الأعراض و ينسفون السّاس و العماد ..

قد لا نبالغ إذا ما قلنا أنّ الماء و الطعام هما عملتي هذا الزمان, و أنّ أربعة أخماس بشريّي الأرض تتحكّم في بطونهم و عقولهم قلّة قليلة ممن شدّوا الوثاق على الحكم و سادوا على العالم بالظلم و الفساد, فلا ينظرون إلى فقراء العالم إلاّ نظرة احتقار و لا يرونهم إلاّ كحشرات تتصارع فيما بينها على لقمة حقيرة قد لا تغني الرابح و لا تطعمه ..

هل الذين يرون في المجاهد إنسانا فاسدا ناشرا للشر, اطّلعوا على سير الأوّلين و كيف دفعوا حيواتهم ثمنا لقمع الظلم و الاستبداد و الاستعباد ؟!!
هل يوجد في التّاريخ البشري قائد ظالم أو حاكم جائر متجبّر أو ملك طاغية أو زعيم فاشيّ أو ديكتاتوريّ قمعيّ ضرب بيد من حديد على النّاس و استعبدهم و سخّرهم لخدمته و استنزف قواهم و نسف أرزاقهم لم يقف في وجهه بطل ممّن حفظهم التاريخ و مجّدهم أحرار الدنيا ؟!

و قد يقول قائل: إنّ الذين يدّعون الجهاد غير منظّمين, و الأولى بهم أن يكونوا تحت لواء حاكم عادل باسط يديه للخير ليلا و نهارا, يحكم بالقسط و لا يظلم أضعف فرد من رعيّته .. فأقول و أين هذا الليث الذي يتصدّى للظلم و يأخذ للمستضعف حقّه و يفرض على كلّ زائغ الواجبه عليه ؟

قال الكافر الثائر أرنستو تشي ڭيڤارا : أينما وجد الظلم فذاك هو وطني, فأين الأحرار من قول هذا الثائر إذا ما اعتبرنا أنّ كلّ بلاد الإسلام حلّ بها ظلم كثير و جور كبير ؟ أ ليس الأحرار وراء القضبان و الطغاة يسوقون العباد بسياط من نار نحو الهاوية و النهاية مستعينين بالإعلام العَلماني و الفكر التلحوديّ؟

إنّ العَلمانية طاعون الزمان و الإلحاد ڤيروس يصيب المرضى و الضعفاء الذين لم يتلقّوا اللّقاح المناسب, فبتنا نرى المجاهرين بالشذوذ في كلّ وقت و حين, و العريّ أصبح أمراً عاديّا في الأوساط المحافظة و الأوساط المنحلّة السّافلة, فالزنا مباح و الاغتصاب جلّ البيوت قد اجتاح , و كثر المشرّدين و أبناء السفاح و ازدادت أعداد المياتم "الخيريات" و تفكّكت أواصر الأسرة السليمة التي تعطّلت بوصلتها (المرأة) و سكر ربّانها ( الرجل) و أصاب دوار بحر الحياة أفرادها ..

أ العَلمانية جهاد أم إرهاب ؟ و هل الإلحاد حرّية أم سِيبة ؟ و ما علاقة رشاش الكلاشنكوف بكسرة خبز و جغمة ماء ؟ و أين هو العريّ و الشذوذ من التحضّر و التّقدّم ؟ أ ليس واجبا على المدافعين تشتيت الكرات المرتدّة أو إسقاط المهاجم حتّى و إن استوجب ذلك الطّرد من المباراة ؟

فعلا إنّها غريبة هي كرات مروان الشماخ الرّأسية عندما يتعلّق الأمر بأهداف النيران الصديقة!
و الأغرب من هذا كلّه هو عندما يدكّ فريق تشيلسي الغاني مرمى الرجاء البيضاوي بخماسية نظيفة ..
بل الأغرب هو لماذا لم تأت الحافلة من فاس في الثالث من يونيو 1973 ؟!!

................

0 التعليقات :

إرسال تعليق